ففقده أهله أياما، فلطبوه مني. فبينا أنا أجول عليه، إذا هو جاء من الجبل، قلت: أين كنت أيامك هذه، وقد فقدك أهلك فهم يطلبونك؟ قال: ذهب بي قوم إلى جدة هذا النهر- قال أبو عبيدة: وإنما سميت (جدة) - يعني البلدة المعروفة- لأنها على شاطئ البحر، يقال جدة، وضفة، وشاطئ- قال: فلما انتيهنا إلى الحدة جاؤوا بهنة سوداء كأنها مهرة، وقد زينوها بعهون لهم، فلها من ذلك قصص وذوائب، فلما أدنوها تحوزت كأنها تدري ما يراد بها؛ فتواثبنا في جوفها، فأرسلت فتيممت بنا في البحر، حتى- والله- خفت على نفسي، ثم قام علجان فنضوا ثيابهما وشدا أزرهما- وواله ما أدري ما يصنعان- ثم شدا لها عضدين، وركبا عليها جناحين، ثم ساقاها فمضت تدف بنا على وجه الماء حتى انتهينا إلى قر لهم ما لهم بالبصرة مثله، عجبا لهم، كيف لا ينزلونه؟! ثم أقبل الماء حتى سد كل وصواص وتخروب، قال أبو عبيدة: الوصواص: الخرق،