ومع هذا فإن الكسائي، والفراء، وأصحابهما لا يدفعون أن قوله (فإذا هو هي) صواب جيد، وأنه الوجه؛ فلا معنى لقولهم:(أخطأت) إذا جاء بما هو صواب عندهم.
وأما قول ثعلب:(إنه إنما أدخل العماد في قوله: فإذا هو إياها، لأن إذا مفاجأة، وهو بمعنى رأيت ووجدت، فلذلك جاز معه العماد) فهو خطأ؛ لأن العماد عند البصريين والكوفيين لا يكون إلا فضلة يجوز إسقاطها، ثم يسميه البصريون الفصل، وذلك مثل قولك: كان زيد هو القائم، إذا جعلت (هو) عمادا نصبت القائم، ألا ترى أنك لو حذفت (هو) كان الكلام سديدا، ولو حذفت (هو) من قولك (فإذا هو إياها) لبطل الكلام؛ لأن (فإذا إياها) لا معنى له؟!. فقد تبين لك أن (هو) ههنا، لا يكون عمادا، ولو كان عمادا، كما زعم، لكانت مستغنى عنها؛ وهذا كاف فيما قصدنا له، وبالله التوفيق.
وأقول: إني لم أسمع، في هذه المسألة، أحسن من قول الكندي- رحمه الله-: المعاني لا تنصب المفاعيل الصريحة، ولا أبلغ.