للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر العظيم بمنزلة الزبد الذي هو اللبن؛ فكما لا يجوز أن تأمر من الزبد كذلك لا يجوز أن تأمر من الإد، ولا تصرف له فعلا يكون هو اسما له؛ هذا هو الذي عليه [١٢٣/ب] أهل العلم باللغة.

ومعنى قولهم: (كيف يؤمر من الأسماء؟) إنما هو مجاز؛ لأن الأسماء لا يؤمر بها وإنما يؤمر بالفعل إذا كان غير واقع. فإذا قال قائل: كيف يؤمر من ضارب أو من طويل؟ فإنما معناه: كيف يؤمر من الفعل الذي هو جار عليه أو اسم له فتقول: اضرب، وطل؛ لأنهم يقولون: ضرب، وطال. فإن قيل لنا: كيف يؤمر من (بكر) و (خود)؟ قلنا: لا يجوز؛ لأنه ليس اسما للفعل، ولا جاريا على فعل؛ فسبيله سبيل الأسماء التي موضوعة غير مشتقة؛ وكذلك قتال، وأكال، وضروب لا أفعال لها؛ وهكذا سلهب، وجعشم، وعكروت، وما أشبهه، وهو كثير، فهذا حقيقة ما ذهب إليه خصمك، ولا حجة لك فيما حكيته عن ثعلب لأنا لا نخالفك فيه. وحكايتك عن النحويين أنه (لا يمتنع شيء من الأسماء من أن نقيسه على رد يرد)، كذب عليهم. وقولك: (لو كنا لا ننطق إلا بما نطقت به العرب، ولا نقيس على كلامها لبطل أكثر الكلام) يدل على جهل باللغة لأن من الكلام ما لا يقاس، ومنه ما يقاس. ثم أخذ بعد هذا في أذاه بما أضربنا عنه وتركناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>