يوصف بحسن، وهكذا:{الأعراب أشد كفرا} إنما هو: من كل من يوصف بالكفر؛ هذا إذا أطلق الكلام. فإذا قيدوه أخرجوه من العموم كقولك: زيد أحسن وجها من عمرو ويقول القائل: الأعراب شر من الأكراد، فلا يكون هذا الكلام دليلا على أنهم شر من غير الأكراد؛ هذا الذي عليه أهل اللغة.
وأما قولك:(إنه لا يجوز أن يحذف إلا ما يعرف) فليس كما قلت؛ لأن العرب تقول: ضربت، وكسوت، وأعطيت وظننت ولا يذكرون المضروب، ولا المعطى ولا العطية، ولا المظنون، وللمحذوفات من الكلام حقيقة ومواضع إدراكك لها عسير بدليل ما أظهرت من بلادتك في رسالتك.
وأما قولك:(والذي يوجب معنى الآية أن يكون الأعراب أشد كفرا من غيرهم، ثم يحذف) فهذا غير المحال في التأويل، والرجوع إلى قول خصمك. أما الدليل على استحالته فإن كل شيء غير الأعراب من حيوان وغيره.
فإن قلت به آل ذلك إلى أن تقول: أشد كفرا من الحجارة أو من الخشب؛ لأن الحجارة والخشب غير الأعراب، أو تقول: إنما أعني [١٣١/آ] بذلك ما يميز ويكلف فترجع إلى قول خصمك