وقضاء الحقوق؛ فكونوا دائماً في حال التوبة، انظروا كل يوم فيما اقترفتم من سيئات فتوبوا إلى الله منها، وإن كان عليكم حقوق فأدّوها حتى تكونوا مستعدين، فإذا دُعيتم إلى ذلك السفر الذي لا بدّ منه، السفر إلى الآخرة، كنتم دائماً متهيئين له.
وكما كان الناس في مطار بيروت قاعدين معاً ثم أُخذوا، هذا إلى حَرّ الكونغو وهذا إلى وَحشة الصحراء وهذا إلى ملاهي باريس، كذلك يكون الناس في الدنيا؛ يكونون متجاورين في المساكن مشتركين في التسابق إلى خيرات الدنيا والحرص عليها، وإذا بهم يُدعَون فجأة، فيذهب هذا إلى النعيم المقيم وهذا إلى العذاب الأليم.
أما رأيتم «عرفات» يوم الموقف؟ أما بقيتم على الطريق منها إلى مِنى أو إلى المزدلفة ساعات لا تستطيعون أن تمروا رغم كثرة الطرق وسعة الشوارع؟ اذهبوا إليها الآن ترَوا فضاءً خالياً وسكوناً بالغاً وقَفرة ما فيها أحد.
أين تلك الخيام ومَن كان تحتها وأين تلك السيارات ومن كان فيها؟ لقد كانت الخَيمة تكاد تلتصق بالخيمة والسيارةُ تكاد تلمس السيارة، فأين أولئك الناس؟ إن أهل خيمة من هذه الخيم يعيشون الآن في دهلي أو لَكْنَو، وأهل الخيمة التي تجاورها يقيمون في السنغال أو نيجيريا، وركاب سيارة في إسطنبول وركاب السيارة التي كانت إلى جنبها في فاس!