[يقول لي السامعون: إنك تتكلم دائماً عن نفسك. أنا ما أتكلم عن نفسي حباً بنفسي، ولكنه أسلوب من أساليب البيان. ثم إنني حين أتكلم عن نفسي أتكلم عن أكثر النفوس، وهاكم الدليل في حديث اليوم، فانظروا تروا أن ما شعرت به وجئت أصفه لكم هو ما يشعر به كل واحد منكم ويريد أن يسمع وصفه.]
أنا أسكن في عمارة كبيرة فيها عشرة طوابق، في كل طابق أكثر من عشرة منازل. وقد كانت فارغة إلا من قليل من السكان، فلما كان الحج امتلأت غُرَفها ورِحابها وممرّاتها، فكان في كل غرفة عشرة أو عشرون، وفي الرّحَبات أناس يقعدون وينامون، وفي الممرات وعند الأدراج ناس من جميع الأجناس، يتكلمون بكل لسان ويتراءون في كل زيّ؛ هنود وجاويّون وأتراك ومغاربة وشاميون وعراقيون، فما كنت أستطيع أن أصل إلى المصعد من الزحام ولا أن أمرّ إلى البيت من كثرة الناس.