قرأت مرة قصة لكاتب فرنسي لست أذكر الآن مَن هو كتاباً يؤرخ فيه رحلةً له في الصحراء الكبرى جنوبي الجزائر، صَحِبَ فيها قافلة عربية يقول عن أهلها أنهم كانوا جِنّاً على صورة بني آدم، يُتعبون ولا يَتعبون لا يستريحون ولا يُريحون، لا يسلكهم نظامٌ ولا يُخضعهم قانون، كل فرد منهم أمة وكل واحد فيهم رئيس. وكان يومُ التحاقه بالقافلة يوماً مجنون الرياح ثائر العواصف، تكاد ريحه تقتلع الخيام بمن فيها وتحمل السيارات الثقال وتلقيها.
ثم كان المشهد الذي أدهشه وأعجبه وبلغ إعجابه به حداً سجل وصفاً له، أذكر أنه كان غاية في الدقة وفي الجمال،?يقول:
ما هي إلا أن أذّن مؤذن منهم:«حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح» حتى هدأت ثورة هذه النفوس وذهبت تلك الفوضى وسكت ذلك الضجيج، ورجع هؤلاء الجن بشراً من أفضل البشر، ثم وقفوا صفاً واحداً كأنه صف الجند ساعة التدريب، لا ترى منهم إلا الطاعة لقائدهم ولا تجد منهم إلا الاستقامة والامتثال، يسمعون الإيعاز (التكبير) فيتحركون جميعاً بحركة الإمام. لا تميل