إن مئة ألف قارئ في مشارق الأرض ومغاربها سيأخذون غداً العدد الممتاز من «الرسالة» وسيقرؤونه، وسيحيي في نفوسهم هذه الذكرى العظيمة المحبوبة التي نقف عندها في كل رأس عام هجري كما يقف المُصْحِر في واحة مخضَرّة ظليلة، ننشق منها عبير المجد ونتسمّع أغاريد النصر، ونجتلي في طلعتها طيف الأيام الباسمة التي كان من قُطوفها ألف معركة ظافرة حملت غارَها الرايةُ الإسلامية، وألف مدرسة وألف مكتبة نالت فخارَها وجنت ثمارَها البلادُ الإسلامية، وكان من حصادها هذه الحضارة التي نعمت في أفيائها الإنسانية، وكانت إحدى الحضارات العالمية الثلاث، بل كانت أسماها -من غير شك- وأحفلها بالعظمة والفضيلة والحق.
نقف كل عام لنُحْيي ذكرى الهجرة ونُحَيّيها، فنكتب فيها ونقرأ ونذكر ونتأمل، ونرتفع على جناح هذه الذكرى إلى جوّ عالٍ من العظمة والفضيلة والشرف نبقى فيها ما بقي المحرَّم، فإذا مرّ مر معه كل شيء: صوّحت الآمال وهجعت الذكريات، وعدنا نتخبط في سواد اللجّة؛ لا نربح من هذه الذكرى إلا ما