يسيل على أقلام أولئك الأعلام البلغاء من طرائف البيان يحويها عدد «الرسالة» الممتاز، ولا نفيد من المحرَّم إلا ما قد نقرؤه في الصحف والمجلات من القصص والقصائد والمقالات.
وكثيرٌ مما يُكتب في العدد الممتاز وبعضٌ مما ينشر في الصحف والمجلات قيّم ثمين، نعتدّه ثروةً جديدة تُضَمّ إلى آدابنا الغنية الحافلة بثمرات القرائح الخصبة الممرعة في الأعصار الطويلة، ولكن ذلك لا يكاد يجدي علينا في نهضتنا إذا نحن لم نُحيِ هذه الذكرى إحياءً، ونكتبها مرة ثانية على صفحات الوجود، ونأخذ منها عبرة تنفعنا في نهضتنا. وهذا ما أنشئ له العدد الممتاز، وهذا ما يُراد من إصداره.
وفي هذه السيرة من القوة والسموّ والحياة ما يغذّي عشرين نهضة ويَمُدّها بالقوة، لا تدانيها في هذا سيرةٌ في التاريخ ولا تشبهها؛ بل إن هذه السيرة أعجوبة التاريخ ومعجزته، وهي خيال بالغت الدنيا في تزيينه وتزويقه وأودعته مُثُلها العليا كلها، فجعله الله حقيقة واقعة.
ولقد قرأت هذه السيرة مراتٍ اللهُ أعلم بعددها في كتب لا أكاد أحصيها، ثم عدت اليوم أقرؤها لأجد في ثَنِيّة من ثناياها قصة مطوية أو حادثة مختبئة أبني عليها فصلاً أكتبه للعدد الممتاز، وفي ظني أني لن أسير في قراءتها إلا قليلاً حتى أملّها وأعزف عنها، لأني لا أجد فيها -وقد قرأتها حتى حفظتها- خبراً جديداً. وأقسم أني لم أَسِرْ فيها غيرَ قليل حتى أحسست بلذة فنية تمتلك عليّ أمري وتستأثر بنفسي، كاللذة التي أحسها عندما أقرأ الأثر الأدبي البارع لأول مرة، وتغلبني حتى تضطرني أحياناً إلى قطع القراءة