كنت رائحاً عشية الأمس إلى منزلي، فوجدت في جانب الطريق كلباً أسود ضخماً مخيفاً قد استعد للقتال، وأمامه قطة صغيرة قد تجمدت وتسمرت في مكانها ووجهت إليه من عينها نظرات يكاد يتطاير منها الشرر. فوقفت أنظر، فإذا هما يلبثان على ذلك دقائق، ثم تحرك الكلب وخطا إليها خطوة، فكشرت عن أنيابها ووثبت إلى وجهه بسرعة القنبلة المنطلقة من المدفع، ونفخت نفخة جعلته على كبره وضخامته يرتدّ عنها فزعاً.
فجعلت أفكر في عجيب صنع الله؛ إن قوة هذا الكلب وضخامة جسده وحدّة نابه لم تصنع كلها شيئاً أمام حماسة هذه القطة الصغيرة وشجاعتها وقوة نفسها، وهي لمّا تضايقت استعملت قوّتها المدَّخَرة فأفزعت الكلب. ورأيت في ذلك شاهداً على أن القوة النفسية تغلب القوة المادية.
لو جئتَ دارك العشيّة وأنت تعبان نعسان جوعان، فوجدت ثلاثة رجال مسلحين يريدون أن يعتدوا على عرض امرأتك أو ابنتك، ولم تجد أمامك إلا عصا، ألا تهزم بعصاك هذه بنادقهم