للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والشراب واللهو والطرب، وذاك طريق متعب من حواليه الصحراء وقد حُفّ بالمتاعب؟

فيقول الأنبياء: لا تخافوا من مشقة طريقنا، فإن بعد هذه المشقة المقام الآمن والنعيم الدائم، ولا تغترّوا بجمال الطريق الآخر، فإن أوله سهل ممتع ولكن مصير سالكه الضياع والهلاك.

وجعل الله في الإنسان قوتين متقابلتين، واحدة تنصر الأنبياء وترغّب في الحق، وهي التي عرفتم أن اسمها العقل أو الضمير، وأخرى تنصر الشياطين وتزيّن لصاحبها باطلهم، وهي النفس الأمّارة بالسوء.

فالشيطان يوسوس لهذه النفس، وهي حليفته وناصرته، فتحاول أن تدفع بصاحبها إلى السير في طريق النار، ويقف الضمير يحذّر من اتّباعها وينبه إلى غشها ومكرها. فإذا ذكر العبد ربه وتعوّذ به من الشيطان خنس الشيطان وهدأت النفس، وإن أعرض عن صوت الضمير واتبع النفس وُضعت على قلبه نقطة سوداء، فإن عاد فتاب مُحِيَت، فإن عمل ذنباً آخر وُضعت نقطة أخرى، فإن تكررت الذنوب زادت النقط السود حتى يصير قلبه كله أسود، فلا تنفع معه حينئذ موعظة ولا يفيد نصح، ويصير من الذين قال الله عنهم: {كَلاّ، بَلْ رَانَ عَلى قُلوبِهِم مَا كَانُوا يَكْسِبون}.

هذا هو الرَّان أو الرَّيْن، وهذه حال أكثر شبّان هذه الأيام من غير المتدينين الناشئين في طاعة الله، لا يسمعون موعظة ولا يرجون رحمة ربهم ولا يخافون عذابه.

* * *

<<  <   >  >>