وإن كنت تتكسب من عمل محرَّم، كأن تكون عاملاً في ناد يسقي الخمر ويجمع الجنسين، أو في مصرف يرابي وأنت تشتغل فيه كاتباً للربا، أو كنت في مؤسسة أو مصلحة تنشر الإلحاد أو تؤذي المسلمين، وأردت أن تتوب، ففتش لنفسك عن عمل آخر، وإلاّ لم تنفعك توبتك عنه وأنت ملازم له. واعلم أن الله هو الرزاق، وأن من يتّقِ الله (لا مَن يعصِ الله) يجعَلْ له مخرجاً ويرزُقْهُ من حيث لا يحتسب.
وكذلك الحال في كل محرَّم.
ثم تدبّر أمورك وأمور عيالك في غيبتك، لتريحَ بالك منها فلا تفكرَ فيها وأنت في الحج. فتعطي أهلك من النفقة ما يكفيهم في غيابك، وتوكل بهم من يقوم بأمرهم إلى حين عودتك، وتعهد بعملك إلى من تثق به وتعتمد بعد الله عليه.
واعلم يا أخي الحاج أن الحج غسل للقلب من أوضار الذنوب، فهل يغسل أحدٌ جسده من الأوساخ بالماء الوسخ؟ فكيف إذن تبغي أن تتخلص بالحج من تبعات الحرام إذا كان حجك بمال حرام؟ إن الله طيّب لا يقبل إلا طيباً؛ فليكن أول ما تصنعه أن تعدّ لنفقات حجك مالاً حلالاً.
لا أريد بالمال الحلال أن يكون خالياً من كل شبهة، فلقد ذكر العلماء من قرون طِوال أن ذلك كان كالمتعذر في أزمانهم، فكيف بزماننا؟ ولكن أريد ألاّ يكون المال الذي أعددته للحج مالاً ظاهر الحرمة، كأن يكون مغصوباً أو متحصَّلاً من الربا أو من مهنة يحرمها الشرع كالاتّجار بالخمر أو زراعة الحشيش أو نشر