للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمُنْكَر}؛ هذا قول الله، وقد شرحه رسوله صلى الله عليه وسلم فبيّن أن مَن لم تنهَه صلاتُه عن الفحشاء والمنكر، وكان قد فعلها رياء وتظاهراً، لم يزدد من الله إلا بعداً. انظر إلى كاتب الأمير الذي يدخل عليه كل ساعة مرة، هل يخرج من عنده فيتكلم عليه أو يشتغل بما لا يرضيه ويخالف عن أمره؟ وكيف، وهو يعلم أنه سيدخل عليه بعد ساعة وسيسأله عمّا فعله؟

فكيف يأتي الفحشاءَ والمنكر من يدخل الحضرة الإلهية ويقوم بين يدي الله خمس مرات كل يوم؟ لذلك شبه الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الصلوات الخمس بنهر على باب المسلم يغتسل فيه خمس مرات في اليوم. هل يكون وسِخَ الجلد قذر الجسد من يغتسل خمس مرات في اليوم؟ لا، إن صاحبك ما صلى، ولو قام وقعد وركع وسجد وتلا وذكر، وأدى الشروط الظاهرة والأركان والواجبات والسنن. هذا كله جسد الصلاة، فإن لم يكن معه الإخلاص وحضور القلب كانت صلاته جسداً بلا روح.

قال أحد الحاضرين: وكيف يكون الإخلاص؟

قلت: بأن يكون قصدك من الصلاة امتثال أمر الله وعبادته وطلب رضاه، لا أن يكون قصدك تقدير الناس وأن يقولوا: فلان متعبد. ولا أن تتخذ من حسن رأيهم فيك وسيلة إلى مالهم أو جاههم، فتكون قد جعلت الدين سلماً إلى الدنيا.

والصلاة أهم الأعمال كلها في نظر المسلم، وقد يترك من أجلها كلّ عمل من الأعمال مهما كان كبيراً، ولا يتركها من أجل عمل من الأعمال مهما كان كبيراً.

<<  <   >  >>