الحاجة. لا تُعطى صدقةً يكون فيها هوان للفقير وفيها تحقير له، فهي ليست صدقة، إنها حق معلوم للسائل والمحروم.
ونفقة الأقارب مبدأ للتضامن الاجتماعي ما له نظير، ألقيت فيه بحثاً مرة أمام حلقة الدراسات الاجتماعية التي تقيمها جامعة الدول العربية بمشاركة الأمم المتحدة (١)، فدُهش منها السامعون. كل امرأة فقيرة وكل رجل فقير عاجز عن العمل يستطيع أن يطلب من القاضي فرضَ نفقة له على وارثه الغني، فإن لم يدفع طوعاً أجبره القاضي على الدفع بقوة القانون. لقد اكتفى من المرأة بالفقر واشترط على الرجل العجزَ عن العمل، لأن من مبادئ الإسلام أن المرأة لا تكلَّف العمل وأن الرجل لا يُسمَح له بالبطالة والكسل. فإن لم يكن لهما قريب فالنفقة على بيت المال يحكم بها القاضي.
هذه هي عدالة الإسلام الاجتماعية، ليست مجرد كلام ولا مذهباً ولا ميثاقاً يُدوَّن على الورق، ولكنها مبادئ عملية طُبقت قروناً وقروناً.
* * *
أتريدون قانوناً يحقق العدالة ويضمن لكم أفضل ما عند الأمم من مبادئ حقوقية؟ نحن نقدّمه لكم من الإسلام. لا نقتصر على الكتب المدوَّنة في المذاهب الأربعة وحدها، لأن هذه
(١) هذا البحث منشور في كتاب «فِكَر ومباحث» بعنوان «النفقات والتكافل الاجتماعي» (مجاهد).