اتّباع شهوته أو امتثال أمر ربه، لذلك كان مستحقاً للمثوبة إن أصلح والعقوبة إن أفسد، هذا المخلوق هو الإنسان (١).
لماذا انفرد وحده بهذا؟ لأنه هو الذي اختار ذلك. مَن قال إن الإنسان خُيِّر فاختار؟ الله هو الذي قال، قال: {إنّا عَرَضْنا الأمانَةَ (وهذه هي الأمانة) على السّماواتِ والأرْضِ والجِبالِ فأَبَيْنَ أنْ يَحْمِلْنَها وأشْفَقْنَ مِنها وَحَمَلها الإنسانُ}.
قد يقول الأخ السائل: إني لا أعرف متى كان ذلك ولا أذكره. صحيح، ولا أنا؛ أنا أيضاً لا أذكره. وأزيدك شيئاً قد لا تصدقه وقد تعجب منه: أنا أجهل أكبر حادث في حياتي ولا أذكر والله شيئاً عنه، هو ولادتي! صدِّق أنّي لا أذكر يومَ ولادتي ولا وجه القابلة التي أخرجتني إلى الدنيا! بل إن مرحلة مهمة من حياتي نسيتها كلها، هي المرحلة التي كنت فيها جَنيناً في بطن أمي. أقسم لك أني لا أتذكر عنها شيئاً!
والسؤال هو: هل يحق لي أن أنكرها لأني لا أذكرها؟ لقد صدّقتُ بها لأن الذين خبّروني خبَرَها كانوا صادقين. أفلا نصدّق بما أخبر به رب العالمين؟
وما دامت الحياة اختباراً، ابتلاءً، امتحاناً كامتحان المدرسة،
(١) والجن أيضاً مكلَّفون كالإنس، لكنه قصد هنا المخلوقات المألوفة التي نراها ونعيش معها. انظر فصل «الإيمان بالملائكة والجن» في كتاب «تعريف عام بدين الإسلام»، وفيه: "والجن مكلَّفون مثلنا، يحاسَبون على أعمالهم كما نحاسَب ويثابون ويعاقَبون كما نُثاب نحن ونعاقَب" (مجاهد).