وليس في قلوبهم إلا عظمة الله والإيمان به، قد هانت عليهم الدنيا وصغرت في عيونهم جيوش العدو وأساطيله حتى رأوها في جنب الله كلا شيء، وهجموا على العدو.
يا سادة، لمّا هجموا بهذه القلوب وهذا الإيمان وقعت الأعجوبة؛ شُدِه العدوّ وقطع الرّعبُ أفئدةَ أبطاله، فلم يستطع أحد منهم أن يقف في وجه هذه السيل الأتِيّ الفوّار، وانهزموا لا يلوون على شيء حتى نزلوا البحر، وغلب العددُ القليل هذا الجيشَ العظيم، وانتصروا.
وما انتصروا، وما انتصر أجدادنا في كل معركة خاضوها، ولن ننتصر نحن على إسرائيل وغير إسرائيل، إلا بشيء واحد هو الإيمان.
* * *
وهاكم تاريخ الأمس القريب، أفنسيتم تاريخ الأمس القريب؟ بماذا وقف عبد الكريم الخطابي في وجه فرنسا وإسبانيا معاً، يواجه جيشين فيهما مئة وخمسون ألفاً؟ بماذا قابل حسن الخرّاط في الشام، وهو خفير ليلي عامي، جيشَ فرنسا لمّا كانت فرنسا أقوى دولة برية في العالم في أعقاب الحرب الأولى، حتى احتل دمشق ثلاثة أيام؟ بماذا ناضل الثائرون في فلسطين سنة ست وثلاثين؟ بماذا حارب مجاهدو الجزائر حتى نالوا الاستقلال؟
أما حاربوا بالقرآن الذي تعلّموه في كتاتيب جمعية العلماء التي افتتحها الشيخ ابن باديس؟ فلماذا -يا إخوان- نلقي هذا السلاح؟ لماذا ندع الإسلام فلا نرفع رايته ولا نضرب بسيفه؟