للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتعالوا نمتحن أنفسنا: {الذينَ إذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}؛ أي خافت واضطربت عند سماع اسمه من تصور عظمته وخشية عقابه. فهل نحسّ في قلوبنا هذا الوَجَل إذا ذُكر اسم الله أمامنا، أم نحن نسمع الأغنية فنقول «الله» بلا فكر ولا وجل! وربما ذكرنا اسمه على المعصية؟

والمؤمنون {إذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زادَتْهُمْ إيمَاناً}، فهل نحن من الذين يسمعون آيات الله فيزدادون إيماناً أم أننا (أو أن أكثرنا) يسمع آيات القرآن للطرب أو للعجب، فإذا سمعها لم تجاوز أذنيه ولم تصل إلى قلبه أو عقله؟

ثم وصف الله المؤمنين فقال: {وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلون}، فهل نحن من المتوكلين على الله؟

لو وزّعوا الرواتب على موظفي الدائرة وتركوا واحداً لم يعطوه وقالوا له: تركناك لله. ماذا يقول؟ يقول: كلهم أخذوا وأنا على الله؟ يريد أنه بقي بلا شيء!

فأين نحن من هاجر لمّا جاء بها إبراهيم هي وولدها إسماعيل، جاء بها من بلد بعيد بعيد إلى هذا الوادي. تصوروا مكة وليس فيها الكعبة ولا الحرم ولا البيوت ولا الشوارع، تصوروها وهي واد مقفر لا ماء فيها ولا شجرَ ولا بشرَ. إنها مثل هذه الأودية المخيفة التي تحتويها جبال الحجاز. وتصوروا لو أن أحدكم كُلِّف بأن يحمل زوجته الشابة وولده الوحيد الحبيب، فيضعهما في هذا الوادي ويرجع!

هكذا فعل إبراهيم. وجزعت هاجر وخافت وقالت: لمن

<<  <   >  >>