للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا -يا إخوان- مثال طريق الجنة وطريق النار، هذا هو المثال تماماً. طريق الجنة صعب ولكن آخره السعادة الدائمة، وطريق النار سهل ولكن آخره الشقاء الباقي. حُفَّت الجنة بالمكارِهِ وحُفَّت النار بالشهوات.

الداعي إلى النار عنده كل شيء لذيذ، يقول لك: انظر إلى العورات الجميلة، تمتع بالمال الحرام، افعل كل ما تميل إليه نفسك، إذا اشتهيت فآت نفسَك شهوتها، وإذا غضبت فابطش، وإذا رغبت في شيء فخذه، لا تفكر إلا في الساعة التي أنت فيها، كن إباحياً، كن وجودياً، لا تذكر الموت ولا تشغل فكرك بالآخرة.

وهذا كله سهل لذيذ على النفس. الإفساد سهل لأن المفسد يأخذك إلى المرقص لترى ما تميل إليه نفسك، يعطيك المجلات الخليعة والقصص المكشوفة والصور الداعرة، وقد يدلك على أماكن وجودها، وربما ساقك إليها. أما المصلح فماذا عنده؟ ما عنده إلا المنع من اتباع الهوى؛ إذا عرض لك الجمال المحرم قال لك: إياك أن تنظر. وإن أمكنك الربح المحرم قال لك: إياك أن تأخذ، إياك أن تتبع الهوى. ويقول لك: اترك نومك اللذيذ وقم إلى صلاة الفجر، خالف رغبتك في الطعام وصم رمضان، احمل المشاقّ واذهب إلى الحج. وإن سمعت الغيبة ومالت نفسك إلى المشاركة فيها قال لك: لا تغتب، بل اترك المجلس وقُم إذا لم يبدّلوا الحديث. وإن اتبع النساء الموضة ولبسن القصير قال لكِ: لا تعملي مثلهنّ واثبتي على الحجاب.

<<  <   >  >>