ثم جاؤوا للأمة الواحدة، أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي يجمع الإسلامُ بين عربيّها وعجميّها وهنديّها وكرديّها فقالوا «تُرك»، فقال المقلّدون من العرب «عرب»، فقال الفُرس «فُرس» والأكراد «كُرد»، فانقسمت الأمة الواحدة أمماً واستحالت قوتها ضعفاً، وكان بأسها على عدوّها فصار بأسها بينها، وكان ذلك ما يريد أعداؤها. ثم دخلوا الحرب التي لم يكن للعثمانيين فيها ناقة ولا جمل فأضاعوا بها الدولة وأضاعوا المسلمين.
ولما تحقق لأعداء الإسلام الأملُ الذي أمّلوه قروناً طِوالاً وبلغوا ما كانوا يبتغون وهوى هذا الصرح العظيم، صرح الخلافة الثالثة، هزّت الفرحة أعداء الإسلام هزة سقطت منها الأقنعة عن وجوههم فبدوا على طبيعتهم، وجهروا بالعداوة وأظهروا الشماتة، وكتب صحفي نصراني كان في الشام تلك الأيام مقالة حشوها السم وملؤها اللؤم، عنوانها:«مات الرجل المريض»، وتألمنا منها ولكن ما تكلّمنا.
فلما قام مصطفى كمال متظاهراً بالدفاع عن عزة الدين وكرامة المسلمين، ووثبت معه تلك النفوس المؤمنة من أهل الأناضول فحاربوا مجاهدين في سبيل الله، وطردوا اليونان من إزمير وأخرجوا الحلفاء من البلاد وبنوا النصر من أنقاض الهزيمة، انقلبت الآية، فكانت الفرحة للمسلمين والغصة في قلوب الكافرين، فكتب الأستاذ معروف الأرناؤوط رحمه الله مقالة عنوانها «بُعِث الرجل الميّت»، كانت إحدى روائع ذلك القلم العبقري.