للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إننا نريد ناساً يخرجون معنا الجمعةَ القادمة للاستسقاء وهم يعلمون أنهم يُحيون سنّة ويقومون بعبادة، لا يفكرون بجاه ولا منزلة ولا يبالون بالناس. ولذلك كان من سنّة الاستسقاء أن يكون الخروج بالثياب العتيقة التي ليس فيها أناقة ولا مفاخرة، المقصود من ذلك أن نطرح الأنانية وحب الجاه ونخلص النية لله.

علينا أن ندعو ونتضرع، أما نزول المطر فبيد الله وحده، إن أنزله علينا فبرحمته لا بعملنا، وإن منعه فبذنوبنا وبهذه المنكَرات الفاشية فينا.

أفما سمعتم بحادثة بورسعيد التي روتها الجرائد كلها ومشى بحديثها الركبان؟ حين أشعل المستعمرون (أيام العدوان) الحرائق، وانحصرت فئة من المجاهدين في بقعة أحاطت بها من أطرافها كلها النار وعزّ منها الفرار، وأكلت النار كل شيء حتى التهبَ زفتُ الشارع ووصلت إليهم. وكان فيهم نفر قلائل سبّوا وشتموا، ولكن الأكثرين رجعوا إلى الله لمّا رأوا الموت، ورفعوا أعينهم إلى السماء حين قطعوا الأمل من الأرض، ونادوا نداء المضطر من قلوب قطعت علائقها بكل شيء ووصلتها بالله، يجأرون ينادون: يا الله!

وكان الصيف وكانت الشمس ساطعة زرقاء، فما هي إلا أن ضجّوا بالدعاء حتى تلبّدت السحب وهطلت الأمطار كأفواه القِرَب، وأطفأ الله النار. أنزل الله المطر لمّا دعوا بإخلاص واثقين من الإجابة. أمّا الذي يقول مثل الذي قال لي الشيخ أمس، لا يهمّه إلا الناس وأقوال الناس، فليطلب المطر من الناس.

* * *

<<  <   >  >>