للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيا أيها الناس، اكدحوا في الحياة واسعوا وجِدّوا وغامروا في هذه الدنيا وسابقوا الأمم، ولكن لا تعتمدوا على أنفسكم وحدها ولا تقطعوا الصلة بالله، بل كونوا معه دائماً، كونوا معه باتّباع أوامر الشرع، واجتناب المحرَّمات، وستر العورات، وابتغاء الصالحات.

كونوا كمن يخترق الصحراء بسيارته أو يقتحم الجوّ بطيارته أو يركب مَتن الموج بسفينته، يعتمد على نفسه وخبرته ودقة آلاته، ولكنه لا يرفع سماعة اللاسلكي عن أذنه، حتى إذا ضلّ أو خاف استنجد بمَن يهديه أو يحميه. واللاسلكي عندكم هو الدعاء.

ولكن لا تَدْعوا دعاء الكسالى الخاملين الذين يقعدون عن اتخاذ الأسباب ويتمنون على الله الأماني، ولا دعاء القوّالين الكذّابين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم والذين يريدون بدعائهم إعجاب الناس وإظهار سعة الحفظ وكثرة العلم. إن الدعاء الذي هو «لاسلكيّ» الأمان هو ما يصدر عن قلب حاضر ولسان صادق وثقة من الإجابة، أما الدعاء باللسان فقط -مهما كان الداعي جيد اللفظ بليغ العبارة واسع المحفوظ- فهو كمن يتكلم في سماعة الهاتف كلاماً جميلاً جيداً، ولكن الشريط مقطوع!

* * *

<<  <   >  >>