للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا [هو] المفعول فيه, وهو ظرف الزمان والمكان. لأن ظرف الزمان ما تقضت عليه الليالي والأيام. وظرف المكان ما استقر فيه وتصرف عليه, لكن ظرف الزمان يتعدى إليه الفعل بنفسه, مبهمًا كان أو مختصًا, مثل: قمت يوم الجمعة, ويومًا من الأيام. لأنه يدل عليه دلالة قوية, وهي دلالة الصيغة. وليس كذلك مع المكان, لأنه يتعدى إلى المبهم منه بنفسه, وهي الأقطار السته, مثل: قمت أمام فلان وخلفه ويمينه وشماله وفوقه وتحته, إذ لا يخلو فعل من الأفعال أن يكون في أحد هذه الأقطار, فهو يقتضيه, فلذلك تعدى إليه. وليس كذلك الأمكنة المخصوصة التي لها أقطار تحصرها ونهايات تحيط بها, مثل [الدار] والبلد والمسجد والسوق وما أشبه ذلك, لأنه ليس في الفعل دلالة عليه, بل يصلح لها ولغيرها, فجرت مجرى «مررت» الذي لا يتعدى إلى «زيد» إلا بحر جر, فلذلك تقول: قمت في الدار, وفي البلد, وفي السوق, وفي المسجد. ولا يجوز حذف حرف الجر. فاعرف الفرق بين المبهم والمختص فإنه أصل كبير.

فأما قولهم: دخلت البيت, وذهبت الشام, ففعلان موقوفان على السماع, وأصلهما أن يتعديا بحرف الجر وأن تقول: دخلت إلى البيت, وذهبت إلى الشام. ولكنه اتسع في حذف الجار مع هذين الفعلين لكثرة الاستعمال. ومن الناس من يجعل «دخلت» متعديًا بنفسه لما رأى استمرار ذلك وانتشاره. وليس بصحيح عند المحققين. لأن ضد دخلت «خرجت» , ونظيره «عبرت» كلاهما لا يتعدى إلا بحر فالجر, مثل: خرجت من الدار, وعبرت في الدار, وكذلك ينبغي أن تكون دخلت. ولأن مصدر دخلت الدخول,

<<  <  ج: ص:  >  >>