فأما قوله تعالى:(فاستقم كما أمرت ومن تاب معك) فإنه يحتمل تأويلين, أن يكون مفعولًا معه, أي «فاستقم مع من تاب معك كما أمرت» , فتكون «من» في موضع نصب. ويجوز أن تكون معطوفة على ضمير الفاعل في «استقم» , فتكون «من» في موضع رفع, أي «فاستقم أنت ومن تاب معك كما أمرت» , وسد طول الكلام مسد التأكيد. ولا يحسن أن يكون معطوفًا على التاء من «أمرت» لأن الضمير المرفوع في مثل هذا لا يحسن العطف عليه إلا بعد تأكيده.
والعامل أبدًا في المفعول معه يكون فعلًا لا معنى فعل. فالفعل مثل: استوى الماء والخشبة, ونحوه. والمعنى الذي لا يجوز أن تقول: زيد في الدار وعمرًا, لأن العامل معنى وليس بفعل. فإن صرحت بـ «مع» جاز أن تقول: زيد في الدار مع عمروٍ, لأنك إن اعتقدت في «مع» أنها حال, فالأحوال تعمل فيها المعاني. وإن اعتقدت أنها ظرف, فالظروف تعمل فيها المعاني فلذلك جازت المسألة مع «مع» , ولم تجز مع «الواو».
***
والسادس يذكر للبيان عن هيئة الفاعل والمفعول, منتقلًا, أو مقدرًا, أو موطئًا, أو مؤكدًا. مثل: جاء زيد ضاحكًا, وهذا زيد صائدًا غدًا, وهذا كتاب مصدق لسانًا عربيًا, وهو الحق مصدقًا».
فهذا أول المفعولات الخمسة المشبهة بالمفعول به وهو الحال. وإنما كانت