لأن معناه لا يقتضي إلا واحدًا. ألا ترى أن الإبصار يقتضي مبصرًا, والشم يقتضي مشمومًا, والذوق يقتضي مذوقًا, واللمس يقتضي ملموسًا, والسمع يقتضي مسموعًا. ولما اقتضى مسموعًا لم يجز أن يقال سمعت زيدًا, لأن زيدًا ليس مما يسمع فتحتاج أن تقول: سمعت قراءة زيدٍ, لأن القراءة مسموعة.
فإن قيل: فإن الله تعالى يقول: (هل يسمعونكم إذ تدعون) , فقد عداه إلى الكاف والميم التي هي للمخاطبين, وليسوا بمسموعين.
قيل: فيه وجهان, أحدهما أنه على حذف مضاف, كأنه قال: هل يسمعون دعاءكم إذ تدعون, فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. والوجه الثاني: أن الظرف من قوله «إذ تدعون» لما كان مضافًا إلى «تدعون» كان فيه ما يسد ذلك المسد من المفعول المسموع.
وأما قوله سبحانه (إن تدعوهم لا يسمعوا دعاكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم). فلا إشكال فيه, لأن مفعول «لا يسمعوا» هو «دعاءكم» , ومفعول «لو سمعوا» محذوف, أي: ولو سمعوا دعاءكم ما استجابوا لكم. لأن هذه الأفعال كلها تتعدى إلى مفعول واحد ويجوز أن يحذف ذلك المفعول اختصارًا, وخاصة إذا دل الدليل عليه.
وهذه الأفعال مع جوار حذف مفعولاتها لا يجوز إلغاؤها عن العمل لأنه لا يستقل بالمفرد كلام. ولو قلت: الطعام ذقت, على طريق الإلغاء لم يجز حتى تبرز/ الضمير فتقول «ذقته». فإن جعلته خبر الابتداء وقدرت الهاء فقلت:[٧٠] الطعام ذقت, فما ألغيت [ذقت] لأنك قد أعملته في ضمير الطعام. فإن