للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه في مقابلة «أمررت زيدًا» , أي جعلته يمر بغيره. وإذا كان في مقابلته فقد صارت حروف الجر بمنزلة الجزء من الاسم تارة بحكم الإضافة, وبمنزلة الجزء من الفعل تارة بحكم النصب مع الهمزة. فلذلك جاز الجر والنصب في قولك: مررت بزيدٍ وعمروٍ, وعمرًا. فإن بنيت الفعل لما لم يسم فاعله قلت: مر بزيد وعمرو, وإن شئت نصبت فقلت: مر بزيد وعمرًا, لأن المرفوع في بناء ما لم يسم فاعله منصوب في المعنى إذ كان أصله أن يكون مفعولًا. ومثله: نزلت على عمرو وخالدٍ وخالدًا, ونزل على عمروٍ وخالدٍ وخالدًا.

فأما الفعل الملحق بهذا وهو شكرت زيدًا وشكرت له فموقوف على السماع وفيه مذهبان. من الناس من يقول إن الأصل الجر, ثم حذف الجار فتعدى الفعل فنصب. ومنهم من يقول: هما لغتان بمعنى واحد, لغة قوم يعدون هذا الفعل بواسطة, ولغة لآخرين يعدونه بنفسه. وفي كتاب الله تعالى الأمران. [قال الله تعالى]: (أن اشكر لي ولوالديك) , وقال في موضع آخر: (واشكروا لي ولا تكفرون) , وقال تعالى: (وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون) , أي كالوا لهم, ووزنوا لهم. فأما قوله [سبحانه وتعالى]: (فأوف لنا الكيل) , فلا يصح أن يكون «لنا» متعلقًا بالكيل, على حد «كل لنا» لأن الكيل مصدر, والمصدر لا يتقدم عليه ما كان في صلته. وإنما «لنا» متعلق بأوف تعلق المفعول به, أو تعلق الصفة بموصوف محذوف, أي: أوف إيفاءً لنا, أو تعلق الأحوال,

<<  <  ج: ص:  >  >>