قيل: لم يأت إلا بعد تكرير, ولم يأت إلا بالصفات الحسنة التي تقتضي القطع على المدح. والتكرير بالراسخين والمؤمنين لأن التقدير: لكن القوم الراسخون في العلم منهم والمؤمنون, فانتصب «المقيمين» الذي فيه معنى المدح بإضمار فعل, وارتفع «المؤتون» الذي هو مدح أيضًا بإضمار المبتدأ, فهو على الأصل المشروط. ولو جاء الكل مرفوعًا لم يكن سؤال.
فإن قيل: ولم لم يكن «المقيمين» مجرورًا بالعطف على «ما أنزل من قبلك» المعطوف على «ما أنزل إليك»؟ .
قيل: يمنع من ذلك المعنى, لأنه لم يقصد هذا, ولا أن يخبر عن الراسخين بأنهم يؤمنون بالمقيمين الصلاة. وإنما هذه وصف لهم في أنفسهم بأنهم راسخون, وأنهم يؤمنون بالكتب المنزلة المتقدمة والمتأخرة, وأنهم يقيمون الصلاة, وأنهم يؤتون الزكاة. فكان أولى بأن يكون منتصبًا على القطع, لا مجرورًا بالعطف. إلا أن يريد بالمقيمين الملائكة أو الأنبياء عليهم السلام ومن ليس هم إياهم فإنه لا يمتنع والأول أظهر.
ومن أصول هذا الباب أن كل ما امتنع من الأسماء أن يجمع فيه بين نعوتها جاز فيه القطع. مثل أن يختلف الإعرابان أو العلامان مثل: هذا عمرو ورأيت زيدًا العاقلان والعاقلين, ومثل: قام زيد وقعد عمرو الظريفين والظريفان, ونحوه. سواء رفعت أو نصبت فليس هو إلا على القطع مما قبله, لأنه لا يصح