أنت طالق إن دخلت الدار. لم تطلق عليه حتى تدخل الدار. ولو فتح إن [فقال: أن] لكانت طالقًا في الحال. لأن الكلام صار علة, وفي الأول كان شرطًا. وأن الرجل إذا أقر فقلا: لفلان عندي مائة غير درهم - بنصب غير - كان مقرًا بتسعة وتسعين درهمًا, لأن غير هنا إذا انتصبت كانت استثناء من المائة. ولو رفع فقال: له عندي مائة غير درهم. لكان مقرًا بالمائة كلها كاملة, لأن غيرًا ها هنا صفة للمائة, وصفتها لا تخرجها عن جملتها ولا تنقص شيئًا منها. إلى غير ذلك من المسائل التي لا تحصى كثرة في أبواب الإقرارات والنكاحات والبيوعات وغيرها.
وأما قولنا:«والطريق إلى تحصيله [تكون] بإحكام أصوله وتقديم الأهم فالأهم من فصوله».
فإن أول كل مطلوب من شيء أصله. لأن البناء على الأصول, ومنها تتفرع الفروع, كما قال بعضهم: إنما منعهم من الوصول تضييع الأصول فلما أبطلوا تعطلوا.
وأما قولنا:«والأهم منها معرفة عشرة أشياء». فلأن مدار الكلام على هذه العشرة, لا ينفك كلام من جملتها أو بعضها. فالحاجة داعية إلى معرفتها.
فلذلك أخذ المبتديء بمعرفتها, ولأنها تسهل عليه كل ما يأتي بعدها.