مطلقَ السجود فممنوعٌ، بل المأمورُ به: المقيدُ بقصد تعظيم الله، ولهذا قال:{لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله}، والمنهيُّ عنه هنا هو المأمورُ به.
وقالوا في الثانية: الوجوبُ والحظرُ متعلِّقان بفعل المكلف، وما وُجد منه أفعالٌ محرمةٌ عليه عاصٍ بها، فاستحال وصفُها بالطاعة.
قلنا: سوَّغه تغايُرُ الجهتين، فالمحكومُ عليه بالوجوب: الهيئةُ الاجتماعية من ذات الفعل وإحدى صفتيه، وبالحرمة: مجموعُ الذات والصفةِ الأخرى، قالوا: متلازمان ههنا، والواجب متوقف على الحرام، وما لا يتم الواجبُ إلا به فهو واجب، فالحرام واجب، ولأن الحركة والسكون داخلان في مفهوم الصلاة، وشَغْل الحيز داخل في مفهومي الحركة والسكون الداخلين في مفهومها، فشغل الحيز داخلٌ في مفهومها؛ لأنه جزؤها، فالشَّغلُ حرام، فالصلاةُ التي جزؤها حرامٌ ليست واجبة؛ لأن وجوبها إن استلزم وجوبَ أجزائها وجب الجزءُ الحرامُ، وإلا كان الواجبُ بعضَ أجزاء الصلاة لا نفسها، لتغايُرِ الكل والجزء.
قلنا: الاتفاقُ على أن العبد إذا أُمِر بخياطة ثوب، ونُهي عنه في موضع مخصوصٍ، فجَمَع كان طائعا عاصيا، للجهتين، وما قدر واردٌ، والجوابُ واحدٌ.
واستُدل: لو لم يصح لما سقط التكليفُ، قال القاضي: وقد سقط بالإجماع، فيحمل أن الفرض ساقطٌ عندها (لا بها)؛ جمعا بين دليله والإجماع.