ولا يتمُّ إلا بأحدِ أضداده، وما لا يتم الواجبُ إلا به واجبٌ، وكونُه من الأحكام ملحوظٌ فيه ذاتُ الفعل دون تعلقِ الأمر به، بسبب توقفِ ترك الحرام عليه، وحينئذ لا يكونُ مأمورا به؛ جمعا بين الأدلة.
وأُجيبَ:
بأن المباح ليس تركَ الحرام، بل شيءٌ يُتركُ به، مع إمكان تركه بغيره، فلم يَلزم وجوبُه. فأجاب:
مع تسليمِ أن الترك لا يتمُّ إلا بأحدِ أضداده، وأن ما توقَّف عليه الواجبُ واجبٌ، لا يُمكن منعُ كونِ هذا الضد واجبا، غايتُه أنه غيرُ معين، فإذا اختاره المكلفُ تعيَّن ووجَب، ولا مَخلصَ إلا بأنَّ ما لا يتم الواجبُ إلا به -من عقلي أو عاديٍّ- فليس بواجب كما مرَّ، والتزم أيضا: لو كان كذلك لكان المحرمُ إذا تُرك به محرمٌ واجبا، والواجبُ إذا تُرك به واجبٌ حراما، فأجاب بأن لا مانعَ من اتصاف الفعل بهما لاختلاف الجهة، كما مرَّ
مسألةٌ:
الحقُّ أن المباحَ ليس داخلا في مُسمَّى الواجب؛ لأن المباح: ما خُيِّر فيه بين الفعل والتركِ، وهو مُبايِن للواجب.
وقيل: داخلٌ؛ لأن المباح ما لا حرجَ في فعله، وهو متحققٌ في الواجب، وما زاد به الواجب فَصْلٌ.
قلنا: ما به الاشتراكُ ليس تمامَ حقيقةِ المباح.
والنزاعُ لفظي؛ فإن عُني بالمباح ما أُذِن في فعله مطلقًا، فجنسٌ للواجب والمباحِ بالمعنى الأخصِّ والمندوبِ، وإن أُريد ما أُذن فيه ولم يُذم على تركه، فليس بجنسٍ قطعًا