كان ابن قدامة (صاحب المغني) إذا أراد أن يناظر أحداً تبسَّم في وجهه.
وكان أحد العلماء يقول: هذا والله يقتل الناس بتبسمه.
يقول المتنبي:
وما قتل الأحرار كالعفو عنهم ... ومن لك بالحرِّ الذي يحفظ اليدا
والمعنى: أن التبسم والأريحية والهدوء يمتص حماس الخصم، وقد يكون سبباً في منازلته لك بالإنصات والتقدير، وبالتالي بإزالة الخلاف بحول الله.
وهذا هو المنهج القرآني الكريم، فإن الله - تعالى - في نداءات كثيرة يقول عن اليهود والنصارى:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} ، وهو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم - كما مر معنا - في حواره صلى الله عليه وسلم مع عتبة بن ربيعة المشرك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم تجنب النيل من شخصه وعرضه، بل على العكس كنَّاه فقال له:«أفرغتَ يا أبا الوليد؟» ، كذلك عندما أخبر صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ - رضي الله عنه - عن الكلام الآثم من ذلك المنافق (عبد الله بن أبي بن سلول) فإنه صلى الله عليه وسلم - مع الأذى من ذلك المنافق - إلا أنه صلى الله عليه وسلم كناه بأبي الحباب.