لأنك إن وضعت نفسك في مكان المخالف فإنه سيكون بإذن الله تعالى عوناً أدبيًّا لك في تحقيق بقية الآداب السابقة في أصول الحوار وفن التعامل مع المخالفين, فأنت تحب أن ينصحك الآخرون بأسلوب هادئ ومستور, وإن أمكن بالتلميح لا بالتصريح, كذلك تحب أن يبتسم لك الناس ولا يغلظون لك القول، ولا يظهرون أنفسهم بأنهم أعلم منك، ولا يشهرون بك في المجالس، ولا يتهمونك بالانحراف، وغير ذلك من الآداب التي يحبذها كل إنسان!
فإذا اتفقنا على ذلك، فلماذا لا نجعل هذه الأمور نصب أعيننا وفي ذاكرة كل واحد منا في أسلوب التعامل مع بعضنا الآخر أو حتى مع غيرنا؟! فإذا ما اتضح لك أن هذا المخالف للصواب لا يجدي معه ذلك فإن الخلاف يقدر بقدره - كما أسلفنا - على حسب نوعيته، ويتعامل مع المخالف على ضوء التعاليم الشرعية كما مر معنا، المهم هو تحقيق المبدأ الشرعي الذي أمرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم:«لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "من الخير»(١) ، وأن لا ننسى أبداً قول الله تعالى:{كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} النساء (٩٤) .
(١) أخرجه البخاري (١ / ١١) ومسلم (١ / ٤٩) وأبو عوانة في صحيحه ١ / ٣٣ , وأحمد والنسائي وغيرهم. انظر: السلسلة الصحيحة للألباني ج١ , ص ١٥٥. (من الخير) هذه الزيادة لأبي عوانة والنسائي وأحمد وغيرهم.