للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتلك هي ميزة النص في سورة القصص كونه يحتوي على أسلوب خطاب يقرر حقيقة التوحيد بأسلوب غير مباشر، كما في قوله تعالى فيها: {فَرَدَدْنَاهُ إلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} ((١)) ، فمفهوم النص في هذه الآيات له ظاهر وباطن معنوي، فأما المفهوم الظاهر، فهو إن الله عز وجل هو الذي يصرف الكون ويقدر تصرفه فيه وما يجري فيه، أما المفهوم الداخلي ((٢)) الإشاري، فيقرر حقيقة توحيدية أخرى، هي (أن إرجاع موسى (- عليه السلام -) إلى أمه كان لقدير إلهي ليكون فرعون وقومه الذين التقطوه في خانة المحاجة بكفرهم، وهو رسول الله تعالى لهم، ونحن نجد في سورة القصص أن آيات دلالة التوحيد ذات مبنى ومعنى صيغا بأسلوب يقرر حقيقة التوحيد حتى لدى أولئك الذين لا يؤمنون بالله جل جلاله ((٣)) ، مثل قوله تعالى فيها: {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقّ} ((٤)) في بيان الوعد الإلهي، {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} ((٥)) في المشيئة الكلية، {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} ((٦)


(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ١٣.
(٢) لا ريب أننا لا نعني بالمفهوم الداخلي هاهنا ما كان يعنيه الباطنيون من ملاحدة القرامطة والإسماعيلية، بل إن مفهومنا لهذا التعبير هو (معرفة إشارات النص الكامنة فيه) ، راجع فضائح الباطنية. مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الغزالي أبو حامد. (٤٥٠ ـ ٥٠٥) . تحقيق: عَبْد الرَّحْمَن بدوي. مؤسسة دار الكتب الثقافية. الكويت. (د. ت) .: ص٤٥.
(٣) ينظر التوحيد والمعرفة في الفكر الإسلامي. أحمد حسن الزين. الطبعة الثانية. دار العرفان. بيروت، لبنان. ١٩٨٨ م.: ص ٢٢٢-٢٢٤.
(٤) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ١٣.
(٥) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٢٧.
(٦) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>