إن سياق النص في سورة القصص الشريفة يدل على مكيتها وكونها ذات صبغة مكية من خلال الضوابط التي وضعها العلماء للتميز بين المكي والمدني، ولما اشتملت عليه من ذكر القصص بإسهاب، ومن الدلائل على توحيد الله عزل وجل بأسلوب الجملة الطويلة، وخلوها من الجملة القصيرة. وتكرار ذكر الله عَزَّ وجَلَّ، واليوم الآخر فيها، وذلك من ضوابط السور المكية.
[المطلب السادس: الأغراض العامة لسورة القصص ومقاصدها]
قبل التحدث عن غرض السورة، ينبغي أن نبين الظروف التي نزلت فيها، لأن معرفتنا لذلك تفتح لنا الباب الواسع أمام معرفة أغراض السورة وأهدافها التي من أجلها أنزلت.
كما هو معلوم أن السورة مكية نزلت والمسلمون في مكة قلة مستضعفة، وقد لاقى رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) وأصحابه (- رضي الله عنهم -) ألواناً من العذاب، فقد مات تحت العذاب من مات، وسلم من سلم، في حين نجد تجمع المال والقوة العددية في يد المشركين، والمسلمون لا يملكون سوى قلوباً عامرة بالإيمان، يصارعون بها كل جبروت قريش ((١)) ، فنرى تشابهاً واضحاً بين الظروف التي أحاطت بالمسلمين، مع الظروف التي مر بها سيدنا موسى (- عليه السلام -) مع قومه، حيث تسلط جبروت فرعون والأقباط على سيدنا موسى (- عليه السلام -) ـ وبني اسرائيل يذبح أبنائهم ويستحيي نسائهم، فجاءت هذه السورة بأغراض مهمة، يمكن أن نعد منها:
(١) ينظر السيرة النبوية: عَبْد الملك بن هشام بن أيوب الحِمْيَري المَعَافِري البَصْري أبو مُحَمَّد ت ٢١٣ هـ تقديم وتعليق: طه عَبْد الرَّؤُوْف سَعَد. دار الجيل. بيروت. ١٤١١ هـ: ٢ /٢٥٤.