للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الرابع: القواعد الكلية للمجتمعات الإنسانية في سُوْرَة الْقَصَصِ

من المعلوم شرعاً وعقلاً أن هنالك في كل أنواع الفكر السياسي القديم والحديث قواعد كلية تسير عليها الأمم في سلوكياتها العامة للأخذ بالدين والدنيا، والحاضر والمستقبل. وهو ما يطلق عليه في علم السياسة الحديث اسم (قيم الأمم) .

وفي القرآن الكريم مجموعة واسعة موحدة من هذه القواعد الكلية الشمولية التي تصلح في كل عصر، وفي كل زمان، وفي كل مكان، وفي كل أمة من الأمم، على اختلاف توجهاتها الفكرية والدينية والخلقية، وتستوي في ذلك الحضارات والثقافات والقوميات والأعراف، لأن هذه القواعد السياسية (وعندنا ما أسميناه القواعد الكلية القرآنية) تصلح بمجملها لكل المجتمعات الإنسانية.

ونجدها في القرآن الكريم إما مفرقة أو مجموعة في مكان واحد، وهذه القواعد يمكن وصفها بأنها تحوي الصادق، كون مصدرها إلهي غير إنساني، بمعنى أنه كما لا يخفى لا يتطرق إليه الخطأ، وحاشا لله سبحانه وتعالى.

وفي استعراضنا لسورة القصص في هذا الفصل بمجمله الذي هو أشبه بالقراءة السياسية التأويلية لمضامينها ومعانيها، نجد أن سورة القصص أكدت على جملة من هذه القواعد الكلية التي هي عامة غير خاصة لكل المجتمعات الإنسانية.

وسوف نحاول هاهنا عرضها وفق الفهم التحليلي التأويلي الحديث، بمعنى أننا سنعطي القاعدة، ثم دليلها من سورة القصص للوصول أثناء ذلك إلى تمثل أكبر وأدق وأشمل وأكمل لكل الأهداف التي احتوتها سورة القصص في معانيها الظاهرة

والباطنة:

إن لكل أمة أو مجتمع إنساني وقتاً للاستضعاف ووقتاً للنصر {وَنُرِيدُ أَنْ نَمن عَلَى الذين اسْتُضْعِفُوا في الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ} ((١)) .


(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>