للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن في هذا المطلب سنحاول ـ إن شاء الله تعالى ـ دراسة البلاغة القرآنية المعجزة إلهياً في استخدام الزمن بصيغه الماضية، والحاضرة، والمستقبلية في سورة القصص تحديداً لما لاحظناه من هذا الإكثار الذي يكاد أن يعم في مدلولات الزمن، وكل ذلك إنما أتى لحكمة إلهية قد تكون غابت يوماً عن عصر المفسرين القدماء والبلاغيين القدماء وفق معارف عصرهم، أما اليوم فمن واجب المفسر المحدث إظهارها. وقد تنبه الرازي لبعض ذلك فقال في تفسير قوله تعالى:

{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ} ((١)) ، " (ونريد) للاستقبال، ولكن أريد به حكاية حال ماضية، ويجوز أن يكون حالاً من يستضعف، أي: يستضعفهم فرعون ونحن نريد أن نمن عليهم " ((٢)) ، فنحن واجدون في سورة القصص أن قوله تعالى: {نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ} ((٣)) يحمل دلالة زمنية في كون الخطاب الحاضر متعلقاً بحال ماضي يؤول في مجمله إلى المستقبل، وهذا أحد أوجه الإعجاز القرآني في أسلوبه الفخم المتعدد الدلالات والمعاني.


(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٥.
(٢) مفاتيح الغيب: ١٢ / ٢٢٦.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>