للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} ((١)) ، يدلّ في

(تمشي) وهو فعل مضارع تام على أن المشي استمر في النص، وهذه دلالة زمنية بليغة كل البلاغة تشعر بإعجاز النص القرآني.

وكذلك قوله تعالى: {وَلَوْلاَ أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِن الْمُؤْمِنِينَ} ((٢)) ، فقد توالت الأفعال المضارعة توالياً جعلها سنة إلهية خاصة بكل مجموعة من الناس في الماضي، والحاضر، والمستقبل.

وهذه الدلالات المضارعة تنبه لها الزمخشري رحمه الله فقال: " وجيء بالقول معطوفاً عليها بالفاء المعطية معنى السببية، ويؤول معناه إلى قولك: ولولا قولهم هذا " ((٣)) ، فجعل الزمخشري هذه الآية دالة على الزمن بكل دلالاته.

فقد قدمنا فيما مضى استعراضاً موجزاً يبرز مكامن دلالات الزمن في سورة القصص، لنبرهن على جمالية (الاستخدام القرآني) ليجعل منه نصاً متحركاً قابلاً للعمل به في كل زمان ومكان.


(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٢٥.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٤٧.
(٣) الكشاف الزمخشري: ٣ / ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>