للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ تناسب الكلام عن عدم غفلة الله تعالى وحاشاه عن افعال العباد، وعن علو فرعون في الأرض ثم تناسب أيضاً قوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} ((١)) مع أوائل السورة في ايراد الاحرف المقطعة التي لا يعلمها إلا الله تعالى {طسم} ((٢)) ، وليس بينهما الا فاصل البسملة فكل هذا يرجح الرأي الذي نذهب اليه من ان القرآن الكريم قطعة واحدة، في السبك والصياغة والبلاغة، ولعل هذا أحد أوجه إعجاز القرآن الكريم التي طالما نبه عليها المفسرون والمتكلمون واللغويون، فاذا ما جئنا الى اخر سورة القصص وأوائل سورة العنكبوت نجد تشابهاً جد عظيم، وتناسقاً كبيراً، وتناسباً في المعنى والمبنى والمضمون والسبك والصياغة فكان أوائل سورة العنكبوت إمتداد لآواخر سورة القصص فنجد أن هنالك حديثاً عن العودة الى الله تعالى كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} ((٣)) ، وقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ((٤)) ، وكلام عن الفتنة {وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ} ((٥)) ، وذلك مرتبط بقوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} ((٦)) . فالحديث هو هو لا زال متسقاً مترابطأً متماسك الصيغة.


(١) سُوْرَة النَّمْلِ: الآية ٩٣.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ١.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٥.
(٤) سُوْرَة العَنْكَبُوتِ: الآية ٥.
(٥) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٧.
(٦) سُوْرَة العَنْكَبُوتِ: الآية ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>