للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنقسم عبادة المجتمع في فترة حكم فرعون موسى إلى قسمين: الفئة القليلة كانوا يعبدون الله، وهم من بقي على دينه من أحفاد نبي الله يعقوب (- عليه السلام -) ، فكانوا يلاقون ألواناً من العذاب والتصفية الجسدية لرفضهم عبادة غير الله، والقسم الأكبر كانوا يعبدون فرعون. لقد وصل الكبر والطغيان والجبروت بفرعون أن ادّعى الألوهية، وأجبر رعيته وسكان مصر على ذلك " فجعل من نفسه إلهاً وأنه ابن الشمس " ((١)) .

فقال فرعون في خطابه لسيدنا موسى (- عليه السلام -) : {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إلها غَيْرِي لأجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِين} ((٢)) .

وقال تعالى أيضاً على لسان فرعون: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا ايُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إله غَيْرِي} ((٣)) .

وكلّ هذِهِ الآيات نؤكد بما لا يقبل الشك أن فرعون ادّعى الألوهية. وقد قص القران الكريم أنه ادّعى الإيمان لحظة موته: {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ} ((٤)) .

وهناك تأويلات لألوهية فرعون وعبادته هو، نورد بعضها:

قال الحسن: كان فرعون يعبد الأصنام فكان يعْبدُ ويُعْبدَ. وقال سليمان التيمي: بلغني أن فرعون كان يعبد البقر.

وقيلَ معنى: {وَآلِهَتِكَ} ، أي: وطاعتك كما قيل في قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أرْبَابا مِنْ دُونِ اللَّهِ} ((٥)) ، فإنهم ما عبدوهم، ولكن أطاعوهم فصار تمثيلاً.

على قراءة انس بن مالك: (ونذرُك) بالرفع والنون، أي: نذر عبادتك إن تركت موسى حياً.


(١) التحرير والتنوير: ٢٠ / ٦٦.
(٢) سُوْرَة الشُّعَرَاءِ: الآية ٣٠.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٣٨.
(٤) سُوْرَة يُوْنِسَ: الآية ٩٠.
(٥) سُوْرَة التَّوْبَةِ: الآية ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>