" عرضت السورة في بدايتها قوة السلطات والحكم، وكيف باءت بالبوار مع البغي والظلم والكفران بالله والبعد عن هداه، والآن تجيء قصة قارون لتعرض سلطان المال والعلم، وكيف ينتهي بالبوار مع البغي والبطر والاستكبار على الخلق، وجحود نعمة الخالق "((١)) .
وسنعرض فيما يأتي بعض المعاني والعبر التي يمكن استقصائها من قصة قارون:
أولا: دلت آيات على أن قارون كان من قوم موسى (- عليه السلام -) ولم تمنعه قرابته من عذاب الله ومقته بعد أن بغى وبطر، واستكبر وابتعد عن منهج الله، ولم يسمع نصيحة الناصحين. فإن ما يمرّ به المسلمون اليوم من ضعف وتكالب الأعداء عليهم شبيه بقصة قارون، فكثير من الدول الإسلامية اليوم، وأغنياء المسلمين يملكون من الأموال الكثير، لكن هذه الأموال والموارد الكثيرة لم تستغل بالشكل الصحيح في طاعة الله، ووفق منهج الله وسنته في المال، وبينما يعيش قسم من دول المسلمين في حالة رفاهية مطبقة وترف كبير وبذخ في الملذات وفيما يغضب الله، هناك من المسلمين من يصارع الموت من الجوع والمرض بسبب الفقر، فلم تنفع المسلمين أموالهم في صد كيد الأعداء المتكالبين، فكثير من أثرياء المسلمين اليوم يستثمر أمواله في البنوك الغربية، ولا يستثمرها في البنوك الإسلامية المحتاجة.