للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي أرجحه أن الوحي إليها كان بعد الولادة وبعد تسميته، لأن القرآن قد أشار إلى ذلك بقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى} ، فبعد أن وضعته وكانت خائفة عليه من الذبح، وطمأنها ربها بأن ترضعه ليتقوى للمهمة اللاحقة، وهي المدة التي يستغرقها في سيره في اليم لحين وصوله إلى قصر فرعون، ثم عودته إلى أمه بعد معجزة تحريم المراضع عليه.

ونقل ابن الجوزي، والقرطبي رواية " أنها حين اقتربت وضربها الطلق كانت بعض القوابل الموكلات بحبالى بني إسرائيل مصاحبة لها فقالت: لينفعني حُبُّك اليوم، فعالجتها فلما وقع إلى الأرض هالها نور بين عينيه وارتعش كل مفصل منها ودخل حبه قلبها ثم قالت: ما جئتك إلا لأقتل مولودك وأخبر فرعون، ولكني وجدت لابنك حباً ما وجدت مثله قط فاحفظيه. فلما خرجت جاء عيون فرعون فلفّته في خرقةٍ ووضعته في تنور مسجور ناراً لم تعلم ما تصنع لما طاش عقلها، فطلبوا، فلم يلقوا شيئاً، فخرجوا وهي لا تدري مكانه، فسمعت بكاءه من التنور وقد جعل الله عليه النار برداً وسلاما " ((١)) .

٤. {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ} :

الخوف هو " توقع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة " ((٢)) ، وأم موسى حينما خافت على مولودها من القتل كان ذلك بأمارة معلومة، فهي ترى بعينها يومياً عشرات الأطفال يذبحون.


(١) زَاد المَسِيْر: ٦ /٢٠٢. الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦/ ٤٩٦٧.
ونرى في هذه القصة أنها مصدرة بكلمة (روي) ولم يذكروا عمن رويت ولا تخريجها، فلعلها من الإسرائيليات التي نقلها بعض المفسرين، فلو كانت صحيحة لذكرها الَقُرْآن الكَرِيم لنا، لأن فيها معجزة، وهي إنقاذه من النار في التنور المسجور، وهي أبلغ في الإعجاز من إنقاذه من الغرق لأنه موضوع في تابوت.
(٢) معجم مفردات ألفاظ القرآن: ص ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>