للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً. الفرج بعد الشدة قد يكون سريعاً، وقد يكون بعد حين. وكل ذلك بمشيئة الله وحكمته، فهو الذي يدفع الضر عن الإنسان، ويأتي بالفرج بعد الشدة، فعلى المسلم أن يتوجه إلى ربه لرفع ما حل به من شدة وضرر، ولكن لا يجوز له أن يوقت لله تعالى، فقد يكون سريعاً، وقد يكون بعد حين. فمن أمثلة الفرج السريع ردّ موسى وهو رضيع إلى أمه بعد أن ألقته في اليم ((١)) . قال تعالى: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ} ، فقال ابن كثير: " ولم يكن بين الشدة والفرج إلا القليل يوم وليله " ((٢)) . وأمثلة الفرج بعد أمد إرجاع سيدنا يوسف (- عليه السلام -) لوالده يعقوب (- عليه السلام -) بعد عشرات السنين. وحصول الفرج لسيدنا أيوب (- عليه السلام -) بعد أن لازمه المرض سنين عديدة. قال تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} ((٣)) . فمن ذلك يتبين لنا أن الله مع المؤمنين الصابرين يعزهم بنصره، بعد أن يبتليهم بالشدائد والمصائب، فعلى المؤمنين أن يصبروا في الشدائد ويلتجئوا إلى الله تعَاَلىَ بالدعاء، ولا يستعجلون النصر، مع الأخذ بالأسباب.

ثانياً. في قوله تعالى {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} إضافة إلى ما قاله المفسرون في تفسيرهم لقوله تعالى {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} ينقدح في ذهن الباحث أن هناك إشارة واضحة أراد الله جل وعلا أن ينفي الألوهية عن فرعون، وينفي كذلك علمه بالغيب، إذ لو كان إلهاً كما يدعي لأمكنه أن يتعرف على هوية الطفل، فأراد الله جل وعلا أن يظهر كذب فرعون بادعائه الألوهية من خلال واقع ملموس وتجربه حية.


(١) ينظر المستفاد من قصص القرآن: ١ /٣٦٢.
(٢) تفسير القرآن العظيم: ٣ /٣٨٢.
(٣) سُوْرَة الأنْبِيَاءِ: الآية ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>