للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نلاحظ أن النص القرآني قد تحدث عن المرحلة التي سبقت ميلاد سيدنا موسى (- عليه السلام -) بصورة موجزة، ثم فترة ولادته وإرضاعه، ولم يتحدث عن الفترة التي هي ما بين إرضاعه إلى أن بلغ أشده واستوى. فمن الطبيعي أن أم موسى بعد أن أكملت إرضاعه عادت به إلى قصر فرعون وتربى فيه وهو صغير، بدليل قوله تعالى حكاية عن فرعون: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} ((١)) .

قال البقاعي في هذا الصدد: " ولما استقر الحال على هذا المنوال عُلم أنه ليس بعده إلا الخير والإقبال والعز بتبني فرعون له والجلال، فترك ما بينه وبين السن الصالح للإرسال وقال مخبراً عما بعد ذلك من الأحوال {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} " ((٢)) .

وقال ابن عاشور: " هذا اعتراض بين أجزاء القصة المرتبة على حسب ظهورها في الخارج، وهذا الاعتراض نشأ عن جملة {وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} ((٣)) ، فأن وعد الله لها قد حُكي في قوله تعالى: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ} ((٤)) ، فلما انتهى إلى حكاية رده إلى أمه بقوله: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا} ((٥)) إلى أخره كمّل ما فيه وفاء وعد الله إياها بهذا الاستطراد في قوله: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} ، وإنما أوتي الحكم أعني النبوءة بعد خروجه من أرض مدين كما سيجيء في قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ} ((٦)) " ((٧)) .


(١) سُوْرَة الشُّعَرَاءِ: الآية ١٨.
(٢) نظم الدرر: ٥ /٤٧٠.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ١٤.
(٤) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٧.
(٥) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ١٣.
(٦) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٢٩.
(٧) التحرير والتنوير: ٢٠ /٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>