للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستعطاف {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} ((١)) .

{عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} استخدم (على) للاستعلاء المجازي كما في قوله تعالى: {عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} ((٢)) ، أي: متمكناً من حين غفلة ((٣)) .

وقال النحاس: " دخلت المدينة حين غفل أهلها، ولا يقال على حين غفل أهلها. ودخلت (على) في هذه الآيات، لأن الغفلة هي المقصودة، فصار هذا كما تقول: جئت على غفلة، وإن شئت قلت: جئت على حين غفلة، فكذا الآية " ((٤)) .

والذي يراه الباحث أن الَقُرْآن الكَرِيم أراد تخصيص دخول موسى (- عليه السلام -) إلى المدينة دون ظرفي الدخول زمانياً (حيناً) ومكانياً (المدينة) ، وهذا التخصيص المقصود منه إظهار معنى الدخول وحده، فجاءت الآية في صورتها البلاغية محتوية على الزمن (الفعل الماضي: دخل) والمكان (الاسم: المدينة) ، وإنما جاء وسط ذلك الظرف (حين) ليكون أبلغ في استشعار صيغة الدخول.

المعنى العام

{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} .

من خلال هذه الآيات يتبادر مجموعة من الأسئلة:

أولا. ما المقصود بالمدينة في هذه الآيات؟

لقد اختلف العلماء في المراد بالمدينة:


(١) ينظر التبيان في إعراب القرآن: ٢ /١٠١٨.
(٢) سُوْرَة البَقَرَةِ: الآية ٥.
(٣) ينظر التحرير والتنوير: ٢٠ /٩٠.
(٤) إعراب القرآن (النَّحَّاس) : ٢ /٥٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>