للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يظهرا من خلال قراءة متفحصة للآية أن المسافة كانت قصيرة جداً بدليل سرعة رجوعها إلى سيدنا موسى (- عليه السلام -) ، فالذي يبدو أنهم كانوا ساكنين بقرب بئر الماء على عادة أهل البادية بالتجمع قرب مصادر المياه بحيث يرى ابنته حينما ذهبت لدعوة موسى، فهي قريبة منه، فلا خوف عليها، وإنه حسن الظن به بسبب مدح بناته له لأنه سقى لهما، فهو يحمل صفة المروءة والمساعدة.

{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ}

قال أبو حيان: إن القائلة هي التي ذهبت إلى موسى والتي تزوجها فيما بعد

((١)) . وجاء لفظ استأجرت بلفظ الماضي للدلالة على أنه أمر قد جرب وعرف.

وعن ابن مسعود (- رضي الله عنه -) قال: " أفرس الناس ثلاثة: بنت شعيب وصاحب يوسف في قوله: {عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا} ((٢)) ، وأبو بكر في عمر.

فقد عرفت قوته من رفعه الصخرة ولا يطيقه إلا عشر رجال. وقيل: أكثر، وأمانته من قوله لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق ((٣)) .

{قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ}

يفهم من قوله: (هاتين) على أنه كان له غيرهما، وأراد بهاتين الحاضرتين اللتين سقيت لهما ليتأملها، فينظر من يقع اختياره عليها منها ليعقد له عليها ((٤)) . وجعل لموسى اختيار إحداهما لأنه قد عرفها، وكانت التي اختارها موسى (صفّورة) وهي الصغرى وإنما اختارها دون أختها لأنها التي عرف أخلاقها باستحيائها وكلامها، فكان ذلك ترجيحاً لها عنده ((٥)) .


(١) الكشاف: ٣/١٧٢.
(٢) سُوْرَة يُوْسُف: الآية ٢١.
(٣) ينظر المحرر الوجيز: ١٢/١٦. الدَّرُّ المَنْثُوْرُ: ٦/٤٠٥.
(٤) ينظر المحرر الوجيز: ١٢/١٦٠. روح المعاني: ٢٠/٦٧.
(٥) التحرير والتنوير: ٢٠/١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>