للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: إن شعيباً كانت عنده عصى الأنبياء ـ عَلَيْهم السَّلام ـ فقال لموسى بالليل: إذا دخلت البيت فخذ عصا من تلك العصي، فأخذ عصا هبط بها آدم (- عليه السلام -) من الجنة، ولم تزل الأنبياء تتوارثها حتى وقفت إلى شعيب (- عليه السلام -) ، فقال: أرني العصا، فلمسها وكان مكفوفاً فضن بها فقال: خذ غيرها، فما وقع في يده إلا هي سبع مرات، فعلم أن له معها شأناً.

وقال بعضهم: تلك العصا هي عصا آدم (- عليه السلام -) ، وأن جبريل (- عليه السلام -) أخذ تلك العصا بعد موت آدم (- عليه السلام -) ، فكانت معه حتى لقى بها موسى (- عليه السلام -) ربه ليلاً ((١)) .

وقال الحسن: ما كانت إلا عصا من الشجر اعترضها اعتراضاً، أي: أخذها من عرض الشجر، يقال: اعتراض، أي: لم يتخير. وعن الكلبي الشجرة التي منها نودي شجرة العوسج، ومنها كانت عصاه ((٢)) .

والذي أراه أنه لا يمكن ترجيح إحدى هذه الراويات على الأخرى، لأنه لم يرد نص صحيح صريح في بيان ذلك، إلا ما ورد في سورة طه قال تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} ((٣)) ، فقد نقل الرازي عدة روايات في معنى سؤال الله عن العصا التي مع سيدنا موسى منها " إنه تعالى لما عرف موسى كمال الألوهية أراد أن يعرفه نقصان البشرية، فسأله عن منافع العصا، فذكره بعضها فعرفه الله تعالى أن فيها منافع أعظم مما ذكر " ((٤))


(١) مفاتيح الغيب: ١٢/ ٢٤٦- ٢٤٧.
(٢) ينظر تفسير القُرْآن. عَبْد الرَّزَّاق بن هَمَّام الصَّنْعَانِي. (١٢٦ ـ ٢١١) . تحقيق: د. مصطفى مسلم مُحَمَّد. مَكْتَبَة الرشد. الرياض. ط٢. ١٤١٠ هـ.: ٢/ ٤٩٣. مفاتيح الغيب: ١٢/ ٢٤٧.
(٣) سُوْرَة (طَه) : الآيتان ١٧ – ١٨.
(٤) مفاتيح الغيب: ١٢ /٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>