للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} وقد جاء هذا الأمر في القرآن الكريم بثلاث عبارات:

أولها ـ في سورة طه: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} (١) .

ثانيهما ـ في سورة النمل: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} ((٢)) .

ثالثهما ـ الذي في سورة القصص، والذي نحن بصدد تفسيره: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} .

" قال قتادة: في جيب قميصك، كانت له مدرعة من صوف لا كمين لها.

وقال ابن عباس، ومجاهد: كان كمها إلى بعض يده. وقال السدي: في جيبك، أي: تحت إبطك " ((٣)) .

{مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} من غير برص. ونقل الطبري رواية عن الحسن قال: " خرجت كأنها المصباح فأيقن موسى أنه لقى ربه " ((٤)) .

قال سيد قطب: " أطاع موسى الأمر وأدخل يده في فتحة ثوبه عند صدره، ثم أخرجها، فإذا هي المفاجأة الثانية في اللحظة الواحدة إنها بيضاء لامعة مشعة من غير مرض وقد عهدها أدماء تضرب إلى السمرة إنها إشارة إلى إشراق الحق، ووضوح الآية، ونصاعة الدليل، وأدركت موسى طبيعة، فإذا هو يرتجف من رهبة الموقف وخوارقه المتتابعة، ومرة أخرى تدركه الرعاية الحانية بتوجيه يرده إلى السكينة، ذلك أن يضم يده في على قلبه فتخفض من دقاته وتطامن من خفقاته" (٥) .

{وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنْ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}


(١) سُوْرَة (طَه) : الآية ٢٢.
(٢) سُوْرَة النَّمْلِ: الآية ١٢.
(٣) البحر المحيط: ٧/ ٥٨.
(٤) جامع البيان: ١٠/٧٠.
(٥) في ضلال القرآن: ٦/ ٣٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>