وهناك تناقض في الفقرة التاسعة عشر إذ تجعل النداء نهياً لموسى (- عليه السلام -) عن القدوم، أما الرواية القرآنية في سُوْرَة الْقَصَصِ فتجعل الخطاب الإلهي لموسى (- عليه السلام -) أشرف خطاب بطمأنته ودعوته للإقبال في قوله تعالى: {أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ} وهو نص تكرر في عدة مواضع من الَقُرْآن الكَرِيم.
وفي الفقرة العشرين كان سبب الدعوة إخراج بني إسرائيل من مصر، أما الرواية القرآنية فتبين أن السبب هو دعوة فرعون وملأه للهداية إذ كانوا قوماً فاسدين وهذا أسلوب الهداية العالمية القرآنية خلافاً لأسلوب الشعب المختار توراتياً.
أما الفقرة الحادية والعشرون فتنسب لموسى (- عليه السلام -) خوفه من البعثة واستهانته بنفسه على العموم، إلاَ أَن الرواية القرآنية تكرم موسى (- عليه السلام -) وتجعل سبب خوفه قتله نفساً من عندهم، وفي هذا قمة التكريم الإلهي لموسى (- عليه السلام -) .
وتجعل الفقرة الثانية والعشرون من الله مخاطباً في التوراة لموسى (- عليه السلام -) وهو ما يستقيم به النصّ، أما التكملة فتجعل الخوف من أن لا يُصدق المصريون موسى، أما الرواية القرآنية فتجعل الخوف من التكذيب، وكأن الحاخامات اليهود من بني إسرائيل اقتبسوا هذه الفقرة القرآنية هاهنا في رواية سفر الخروج.
ونجد في الفقرة الثالثة والعشرين تشابه بين الرواية التوراتية المأخوذة من الرواية القرآنية في زمن ترجمة التوراة إلى العربية في العصر العباسي على ما حققه التاريخ، لذلك جاءت الروايتان متشابهتان.
أما الفقرة الرابعة والعشرون فتجعل اليد برصاء بعد خروجها من الجيب بينما تجعلها الرواية القرآنية {بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} أي منيرة وتزيد على الرواية التوراتية بضم الجناح من الرهب، وهذ معجزة قرآنية في الزيادة على اليهود في توراتهم ما لم يكونوا يعرفونه حتَّى في مروياتهم.