للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك نجد أن الفقرة الثامنة والعشرين من هذه الفقرات تنتقص انتقاصاً جد عظيم من نبي الله موسى (- عليه السلام -) بسبب حقد بني إسرائيل على أنبياء الله ـ عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ـ فهي تجعل غضب الرب متعمداً على موسى

(- عليه السلام -) ـ وحاشاه ـ ويمن عليه بهارون (- عليه السلام -) ، وهذا خلاف الحقيقة، فإن الرواية القرآنية في سُوْرَة الْقَصَصِ تجعل الخطاب الإلهي مؤازراً لموسى (- عليه السلام -)

{سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} وهو ما يتناسب مع واقع الحال كلّ التناسب وليس فيه انتقاص من سيدنا موسى (- عليه السلام -) ، بل على العكس، فإن فيه تكريم له بشد عضده بأخيه.

ونجد في الفقرة التاسعة والعشرين تشابهاً بين الرواية التوراتية والنصّ القرآني وإن كان الخطاب القرآني أعمق في الدلالة والأمر. كذلك في الفقرة الثلاثين وإن اختلف الخطاب في الأمر بإطلاق إسرائيل، ولكن صيغة الخطاب القرآني تجعل إسناد الألوهية لفرعون، وهو ما أغفل عنه النصّ التوراتي المحرف المنحول في أساسه كله على ما قدمناه.

أما الفقرة الحادية والثلاثون فتجعل إسناد الأمر من فرعون لأعوانه من مسخري الشعب، بينما يجعل النصّ القرآني إسناد الاستكبار لفرعون وجنوده وينسب إليهم الاعتقاد الذي أثبته علم الحفريات من أن فرعون وقومه يومذاك في مصر كانوا يظنون أنهم لا يرجعون إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، بل يرجعون إلى دنيا أخرى يحكم فيها فرعون الإله، فسبق النصّ القرآني علم الحفريات الحديث في إثباته اعتقاد الفراعنة بعالم آخر ولكنهم لا يرجعون فيه إلى الله ليحاسبهم، بل إلى فرعون، وهو ما غفل عنه كُتّاب التوراة، وهذا مما يقتضي التنبيه عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>