وذكر الشيخ محمد رشيد رضا أنه قد تكرر القصة الواحدة في القرآن، ولكن في تكرارها فوائد في كل منها فائدة لا توجد في الأخرى من غير تعارض في المجموع، لأنها لما كانت منزَّلة لأجل العبرة والموعظة والتأثير في العقول والقلوب؛ اختلفت أساليبها بين إيجاز وإطناب، وذكر في بعضها من المعاني والفوائد ما ليس في بعضها الآخر حتَّى لا تُملَّ ألفاظها ومعانيها، ثُمَّ إن الأقوال المحكية فيها إنما هي معبرة عن المعاني وشارحة للحقائق وليست نقلا لألفاظ المحكي عنهم بأعيانهم، فإن بعض أولئك المحكي عنهم أعاجم، ولم تكن لغة العربي منهم كلغة القرآن في فصاحتها وبلاغتها، هذا وإن اختلاف الأساليب وطرق التعبير في قصص القرآن وفي القرآن عموماً عن المعنى الواحد لا تختلف إلا لكي تفيد في فهمها فائدة لفظية أو معنوية ((١)) .
ونحن نرى رأي الشيخ مُحَمَّد رشيد رضا، ونعدّ التكرار إنما أتى في مواضع من الَقُرْآن الكَرِيم كي يستزيد المؤمن إيماناً كون التكرار الذي يراه في الَقُرْآن الكَرِيم يأتي في كلّ مرة بأٍسلوب جديد، وصياغة جديدة وهو ما وقع في سُوْرَة الْقَصَصِ، فقصة موسى (- عليه السلام -) لا تشبه قصته نفسها في إطارها العام في سُوْرَة (طَه) .
(١) ينظر تفسير المَنَار (تَفْسِير القُرْآن الحكيم) . السيد مُحَمَّد رَشِيد رِضا. ت ١٩٣٥ م. وفيه صفوة ما قاله الأستاذ الإِمَام الشيخ مُحَمَّد عبده. ت ١٩٠٥ م. الهيئة المصرية العامة للكتاب ١٩٧٢ ـ ١٩٧٩ م: ٨/٣٤٣-٣٤٤.