للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ} فالأمر خرج عن حقيقته إلى معنى التعجيز ((١)) ، وهذا من أساليب الَقُرْآن الكَرِيم البليغة أن يأمر الله تعَاَلىَ بشيء هو سبحانه وتعالى يعلم أنهم لا يقدرون عليه كقوله تعالى: {قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} ((٢)) ، وهو تعالى يعلم أنهم لا يستطيعون ذلك.

المعنى العام للآيات

{وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنْ الشَّاهِدِينَ}

وما كنت يا محمد بجانب غربي الجبل ((٣)) . وقال البقاعي " أي: الوادي من الطور الذي رأى موسى (- عليه السلام -) فيه النار، وهو مما يلي البحر منه من جهة الغرب على يمين المتوجه إلى ناحية مكة المشرفة، ومن ناحية مصر، فناداه منه العزيز الجبار وهو ذو طوى " ((٤)) .

والمعنى أنك على ما أخبرتك لم تكن موجوداً وقت ذاك {إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنْ الشَّاهِدِينَ} .

قال أبو حيان: " والأمر. قيل: النبوة والحكم الذي أتاه الله موسى وقيل: الأمر أمر مُحَمَّد (- صلى الله عليه وسلم -) أن يكون من أمته، وهذا التأويل يستقيم معه مما بعده من قوله تعالى: {وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا} . وقيل: الأمر هلاك فرعون بالماء، ويحمل الغربي على اليم، وبدأ أولا بنفي شئ خاص، وهو أنه لم يحضر ومعه وقت قضاء الله لموسى الأمر، ثم ثنى بكونه لم يكن من الشاهدين بجميع ما أعلمناك به، ونفي لشهادة جميع ما جرى لموسى، فكان عموماً بعد خصوص " ((٥)) .


(١) ينظر روح المعاني: ٢٠ /٩٠.
(٢) سُوْرَة الإِسْرَاءِ: الآية ٥٠.
(٣) جامع البيان: ١٠/ ٧٦.
(٤) نظم الدرر: ٥/٤٩٤.
(٥) البَحْر المُحِيْط: ٧/١٢٠-١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>